مرحبًا بكم جميعًا.
ونحن نحتفل بالذكرى السادسة والعشرين لتأسيس حزبنا، حزب جبهة القوى الديمقراطية، نجد أنفسنا ننظر إلى الماضي بفخر واعتزاز بكل ما حققناه معًا. لقد مرت سنوات من العمل الدؤوب والتفاني، واجتهدنا في بناء قواعد قوية تعتمد على مبادئنا وقيمنا الإنسانية النبيلة.
إننا نستحضر الرصيد السياسي والنضالي الثري الذي راكمه الحزب خلال ما يزيد عن ربع قرن من الجهود المخلصة والتفاني في خدمة الشعب والأمة المغربية العريقة. إن هذه المدة، بالنسبة لنا كجبهويات وكجبهوييين، وإن لم تكن بالمدة الطويلة، لكنها كانت فترة حافلة بالتحديات والتطورات الكبرى التي شهدتها بلادنا في مختلف المجالات، وكان حزبنا دائما على قدر هذه التحديات.
خلال هذه المسيرة، بني حزب جبهة القوى الديمقراطية رصيدًا غنيًا على مستوى التأطير الفكري للنضال بحماس وتفاؤل من أجل مجتمع الحرية والكرامة والديمقراطية، وذلك من خلال الاستلهام من الفكر التنويري المؤمن بقيم التفكير العقلاني والعلمي، وبالسعي لفهم الحقيقة من خلال البحث والاستقصاء.
لقد أنجب الحزب أطرًا سياسية متمرسة تجسد في نضالها اليومي قيم التنوير التي تقوم على أساس حرية الفرد والتسامح، وعلى أساس التسليم بأن الاختلاف في الرأي والتنوع في الثقافات هما ما يغني المجتمع ويجعله أكثر تطورًا، بما يوفره لكل فرد من فرص لتحقيق طموحاته وتطوير مواهبه، وبما يسمو به من قيم الحرية والتقدم الديمقراطي.
خلال هذه المسيرة، بني حزب جبهة القوى الديمقراطية رصيدًا غنيًا كذلك على مستوى التأطير الترابي والقطاعي. حيث امتدت تنظيماتنا الترابية لتشمل مجموع أقاليم وربوع المملكة، واشتملت صيغ التأطير القطاعي لدينا على العديد من الفئات المهنية والاجتماعية. والنتيجة أن منحنا هذا العمل التأطيري حيوية ومصداقية في مواجهة التحديات المستمرة.
لقد خبرنا تجربة العمل السياسي والنضالي في مختلف المؤسسات المنتخبة، بدءًا من مجالس الجماعات الترابية وانتهاءً بالمؤسسة البرلمانية بمجلسيها خلال عدة ولايات. لقد تميز فعلنا السياسي بالمسؤولية والواقعية، بعيدًا عن الإفتعال المناسباتي والانتخابوي، وركزنا على رؤية سياسية واضحة بعيدة المدى تستحضر مصلحة الوطن والمواطن ولا شيء آخر.
على مر السنوات، واجهنا صعابًا كثيرة، لكن التزمنا بخطنا السياسي المتجدد وبقينا متكيفين مع التغيرات السياسية والمجتمعية. تحرّكنا بثبات وجدية في مسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية ودفع عجلة التقدم والتغيير في بلدنا إلى الأمام.
على مر السنوات، بُنيت ثقافة داخل حزبنا ترتكز على الانفتاح الفكري والتنظيمي وعلى العمل الجماعي والتفاعل البنَّاء. إن الروح الوحدوية والاحترام المتبادل بين أعضاء الحزب هما ما يميزنا ويجعلنا أقوى، لقد حصنت هذه الروح تنظيماتنا ولفظت الغرباء عنها خارج هذه التنظيمات. لذلك، نثق بأننا قادرون على التغلب على أية تحديات قد تواجهنا في المستقبل لنحقق النجاح والتميُّز.
في هذه الذكرى الخاصة والملهمة، نستحضر ما خلص إليه المؤتمر الوطني السادس بمدينة العيون خلال سنة 2022، ونثمن ما وقفت عنده الدورة الخمسون للمجلس الوطني التي انعقدت قبل شهر بمدينة فاس. فعلى هدي هاتين المحطتين الفاصلتين ندعو للتفاؤل والتكاتف، ولنكن دائمًا على استعداد لمواجهة التحديات والفرص بروح الوحدة والعمل الجماعي. إن ثقتنا في مستقبل الحزب كبيرة، ونحن على يقين بأن التحاق المئات من الأطر السياسية النوعية بركب الحزب يعزز طاقتنا على المضي قدمًا نحو مستقبلٍ مشرق.
نحن لا ننظر فقط إلى الماضي بكل فخر بل نتطلع إلى المستقبل بكل ثقة. إننا نؤمن بأن مستقبل حزبنا يحمل الكثير من التحديات والفرص. نعلم أننا مدعوون لتقديم أفضل ما لدينا لمواجهة تلك التحديات والاستفادة من الفرص التي تنتظرنا.
إن يوم 27 يوليوز من كل سنة يذكرنا بالمسؤولية الكبيرة التي نحملها تجاه بلادنا وشعبنا. نحن نعلم أن التقدم والازدهار لا يأتي بالصدفة، بل يتطلب العمل الجاد والعزيمة والإصرار. لذلك، نحثُّكم جميعًا على البقاء ملتصقين بقيمنا وأهدافنا، والاستمرار في المساهمة في بناء مجتمع أفضل وأكثر تطورًا واستقرا رًا وعدالة اجتماعية ومجالية.
في هذه الفترة الحاسمة، دعونا نجدد الثقة في قدرتنا على التأثير الإيجابي على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة. فلنتعاون ونعمل معًا، ولنكن نموذجًا يحتذى به في الوحدة والتعاون والوفاء للمبادئ والقيم، نتطلع بثقة نحو المستقبل، متحلين بالتفاؤل والطموح لتحقيق آفاق جديدة تمثل التجديد والتطور في حزبنا.
نحن نتطلع إلى استخدام التكنولوجيا والابتكار في عملنا السياسي والتنظيمي، لتحقيق أفضل النتائج وزيادة تأثيرنا في المجتمع. كما نهتم بالشباب والنساء وكل الفئات التي همشتنها السياسة ونعلن دعمنا الكامل لتفعيل أدوارها الفاعلة ومشاركتها في صنع القرارات وتحقيق التغيير الإيجابي.
نعمل على بناء الحوار والتعاون مع القوى السياسية والاجتماعية الأخرى بناء على ثقافة الوفاق ونبذ الشقاق، لتحقيق التوافق وتبادل الخبرات والمعرفة، وتكامل العمل الإنساني، ونعمل أيضًا على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة للجميع.
في هذه الفترة الحاسمة، نعتبر تجديد الأفكار وابتكار الحلول حجر الزاوية لمستقبل حزبنا ووطننا. سنواصل العمل بتفانٍ وإصرار لتحقيق الطموحات والآفاق الجديدة التي وضعناها أمامنا.
أتمنى لنا جميعًا سنة جديدة مليئة بالتحديات والفرص، وأن نواصل بناء حزبنا بقوة واصرار. لنكن أبطال التغيير ومنارة للأمل في مجتمعنا. فالثقة هي مفتاحنا للمضي قدمًا نحو مستقبلٍ أفضل.
موعدنا في أفق 2025، وكل عام وحزبنا بخير وتقدم، مع خالص التقدير.
المصطفى بنعلي
الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية