دليل المناضل
شهد المغرب مع نهاية القرن العشرين تحولات سياسية كبرى، كتعبير عن التحولات السوسيوثقافية التي طالت المجتمع المغربي واستلزمت الانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة تؤطرها ثقافة سياسية جديدة وعمل حزبي من نوع جديد يستجيب لمتطلبات المرحلة وروح العصر. وجاء تأسيس جبهة القوى الديمقراطية في سياق هذه التحولات السياسية، واستجابة لضرورات المرحلة ومتطلباتها.
وإذا كان هاجس الجبهة هو طرح تصورها لهذه الثقافة السياسية الجديدة والعمل على المساهمة في ترسيخها، عبر تجدير أخلاقيات وممارسات اجتماعية وسياسية هادفة إلى تنقية الحياة السياسية وتحديثها، فإنها في الوقت ذاته تنطلق من قناعة أن بث هذه الثقافة الجديدة ينبغي أن يبدأ من الداخل أولا. لذلك تعتبر الجبهة أن مناضليها تجسيد هذه الثقافة في حياتهم الحزبية وجعلها مرجعية لسلوكاتهم، والتميز بمواصفاتها.
ويأتي وضع وثيقة دليل المناضل نابعا من منطلقات مشروع تأسيس الجبهة ذاته، والهادف في الإسهام في تجديد الحياة السياسية وفي استعادة العمل السياسي عموما والحزبي خصوصا لمصداقيته. وبرهان المصداقية يكمن في النزاهة السياسية ومطابقة الممارسة للخطاب، وإنجاز وترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة-فعلا وسلوكا- في الذات الحزبية قبل مطالبة المجتمع بتبنيها والحرص على تحقيقها.
وتستلهم هذه الوثيقة أفكارها الأساسية من التوجهات العامة لميثاق الجبهة، محاولة في نفس الوقت تدعيم مقتضيات مواد القانون الأساسي المتعلقة بالجانب السلوكي للمناضلين والتنظيمات الحزبية.
الإنفتاح الفكري:
نبذ الدوغمائية والتعصب الفكري، والنأي عن التمترس وراء قوالب فكرية جاهزة وجامدة وتجاوز الوثوقيات والاحكام القاطعة.
رفض كل أشكال التطرف أنى كانت مصادرها وتجلياتها ونبذ كل تعصب فئوي أو إثني أو إقليمي.
نبد سلوك الإقصاء واعتماد الحوار وحسن الإنصات تجاه الرأي الآخر.
الانفتاح على النقاش الفكري والسياسي الوطني والعالمي، بما يسمح باستشراف المستقبل ومواكبة الزمن الثقافي عالميا انطلاقا من التربة المغربية .
الاجتهاد لاستيعاب مستوى تطور المجتمع ببنياته المختلفة المتداخلة والمتفاعلة، واستيعاب تحول المعطيات وتطورها بما يسمح بتصحيح الذات وتقويم الأفكار وتطويرها وتكييفها وفق مبدأ التغيير.
الانفتاح على الأفكار الرامية إلى تجديد الذات الحزبية وتطوير مسلكيات العمل السياسي لتطوير المجتمع.
الانفتاح التنظيمي:
تقوية اهتمام المواطنين بالشأن العام عبر استعادة المصداقية للعمل السياسي والحزبي، عن طريق تجسيد التنظيمات الحزبية وأعضائها لتوجهات الجبهة وقيمها على مستوى الخطاب والسلوك في مختلف مجالات العمل.
نبذ ومحاربة السلوكيات الانتهازية والوصولية، وتثمين وترسيخ قيم النزاهة والاستقامة ونكران الذات وحسن الخلق.
نبذ ومحاربة الديماغوجية وازدواجية الخطاب، وترسيخ قيم الشفافية والوضوح في الخطاب والممارسة.
نبذ الحلقية والانعزالية والانتظارية، وترسيخ وتوسيع روح المشاركة والمبادرة والعمل الجماعي والجماهيري.
الاجتهاد لتطوير الممارسة السياسية وضبطها مع متطلبات العصر، وبلورة تنظيمات تستجيب لحيوية وتطلعات المجتمع بقاعدته الشبابية الواسعة وفئاته الاجتماعية الأكثر تحفزا لتحديث الدولة والمجتمع ودمقرطتهما، مع ما يتطلب ذلك من مرونة في الأشكال التنظيمية حتى تكن قادرة على استيعاب حيوية وإبداعية هذه الفئات .
تكييف التنظيمات لمتطلبات العمل والفعل السياسيين على الساحة الجماهيرية، والانفتاح على أفكار وأساليب عمل وفضاءات تنظيمية جديدة، عبر المزج بمرونة بين هاجس العمل التنظيمي الحزبي الصرف والعمل السياسي التأطيري للمواطنين.
الانفتاح على الأساليب العصرية والتكنولوجيا الحديثة في التنظيم والعمل والتواصل، وتسهيل استدماجها من طرف التنظيمات والأعضاء.
جعل العمل الحزبي جماهيريا ورش اشتغال يومي بجانب المواطنين للتعبير عن انشغالاتهم وتطلعاتهم والدفاع عن قضاياهم العادلة.
سهر الأعضاء والتنظيمات الحزبية على دعم حركة تبلور هيئات المجتمع المدني كفضاء لتطوير المواطنة، مع الاحترام الصارم لاستقلاليتها خصوصية طبيعة عملها.
الديمقراطية الداخلية:
الديمقراطية مبدأ أساسي في المنظومة الفكرية للجبهة، تتبناه في مفهومه الشمولي كممارسة سياسية واجتماعية، وكمنهج لتطوير المجتمع وتحديثه، كما تتبناه مسلوك حزبي ينبغي احترامه ضمن مختلف آليات الاشتغال الحزبي.
ترسيخ القيم الديمقراطية والحداثية التي تنادي بها الجبهة في الدولة والمجتمع، داخل كل مستويات وهياكل التنظيمات الحزبية، حتى تكون الممارسة الديمقراطية سلوكا يوميا لكل الأعضاء والتنظيمات .
الالتزام بالتوجهات واحترام الحق في الاختلاف، وتوفير شروط تكافؤ الفرص أمام كل الأعضاء للمشاركة في التفكير والمبادرة والفعل، وفسح المجال أمم كل الكفاءات لتحمل المسؤولية والتناوب على تقلدها.
الحرص على ضمان احترام حق الأقلية في التعبير عن رأيها والاحتفاظ به، وضمان احترام الأقلية لحق الأغلبية وللقرارات المتخذة بصفة ديمقراطية.
نبذ الاتكالية والثورية اللفظية والنقد الشعبوي، وتشجيع حرية النقاش المسؤول والنقد البناء وممارسة النقد الذاتي.
ترسيخ روح المسؤولية والعمل الجماعي، والتعامل مع هيئات الحزب كمؤسسات لا كأفراد أو مجموعة أفراد، مع من يلزم ذلك من حرص على فعالية الهيئات عند انتخابها.