عبد الرحيم لحبيب

يترقب المغاربة باهتمام كبير، الاستحقاق التشريعي المقبل، و ما سيتمخض عنه، من نتائج لها الكلمة الفصل، في رسم معالم المستقبل. و لا يخفى على الجميع، طبيعة السياق العام، الذي يتم على ضوئه التهييء لعملية مصيرية و حاسمة.
و من ضمن المقترحات التي تضمنتها المذكرة التي رفعتها جبهة القوى الديمقراطية، إلى الأحزاب المغربية، مقترح تخفيض العتبة الانتخابية من 6 إلى 3 في المائة بالنسبة للائحة الوطنية مع ربط التمويل العمومي بهذه النسبة.
و في تفاعل مع مذكرة الجبهة، أوردت احدى اليوميات في الصحافة المكتوبة الإثنين15فبراير على صفحتها الأولى تحت عنوان: “الداخلية تسعى إلى إدخال تغييرات جوهرية على قانون الانتخابات”، إشارة إلى اللقاء المرتقب، غدا الثلاثاء بين رئيس الحكومة و الأحزاب السياسية، أغلبية و معارضة، لفتح التشاور حول الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة، مضيفة، أن وزارة الداخلية سبقت بنكيران، وعرضت و بشكل غير رسمي، هذا المقترح، المتعلق بخفض العتبة الانتخابية، على الأحزاب السياسية، فأثار نقاشا ساخنا بينها، حيث تحفظت قيادة البيجيدي الحزب الحاكم و حزب التقدم و الاشتراكية على المقترح، فيما أبدت أحزاب أخرى استعدادا لدعمه، كأحزاب التجمع الوطني للأحرار و الحركة الشعبية و الأصالة و المعاصرة.
و رغم أن الخبر المقتضب، تضمن حديثا، حول السماح للأحزاب الصغرى، بالدخول إلى البرلمان، كمبرر لاعتماد إجراء تخفيض العتبة الانتخابية، يتضح من خلال التعامل، مع مقترح الجبهة هذا، أنه مقترح جدي، يعكس روحا ديمقراطية، و قناعة سياسية، تسعى لإفساح المجال أمام الجميع، للتواجد في المعترك السياسي، على الواجهة البرلمانية، و هو السبيل لإفراز تعددية سياسية بأقطاب و تكتلات‮ ‬يجمعها حد أدنى مشترك في‮ ‬التوجهات و المواقف، و تعكس حقيقة ما‮ ‬يتجاذبه المواطنون من مواقف و آراء في‮ ‬المجتمع‮.‬
كما أن الجبهة تدعو بهذا التوجه، إلى توفير شروط تكافؤ الفرص أمام، مجموع مكونات المشهد الحزبي،‮ ‬باعتباره قاعدة ومسلكا ديمقراطيين،‮ و الطريق الأنسب لتطوير المنظومة الحزبية وترشيدها‮،استحضارا للظرفية الراهنة التي تلوح بثقلها على هذا التحدي التاريخي، و التي أملت على جبهة القوى الديمقراطية، التفكير و المبادرة الاستباقية، إلى توجيه مذكرة إلى الفرقاء السياسيين، تقترح أفكارا و تعرض مضامين، من شأنها المساهمة في تجاوز الاختلالات و النواقص التي تقف في وجه نزاهة و شفافية العملية الانتخابية، و تضمن بالتالي توفير شروط مصداقية العمل السياسي و الحزبي، و مصداقية المؤسسة التشريعية.
و تصب كل أفكار و مقترحات مذكرة الجبهة، أساسا في جعل المواطن المغربي في محور العملية الانتخابية، عبر تأكيد كافة محاور هذه المذكرة على توفير شروط المساواة و تكافؤ الفرص أمام كل المغاربة للمشاركة في الشأن العام الوطني، و ضمان تمثيلية كل شرائح المجتمع، دون إقصاء أو تهميش لأي كان، و حتى يفرز الانتخاب التشريعي ، مؤسسة تتسع لكل أفكار و حساسيات المجتمع.
فانطلاقا من الدعوة إلى تفعيل الدستور، و تأويله ديمقراطيا، وكذا الدعوة إلى حوار، وطني شامل، يفرز توافقا حول المنظومة الانتخابية، وضعت الجبهة الأصبع على مكمن الداء الذي يفسد أي استحقاق، إذ من شأن هذين المطلبين تجاوز الفراغ الناجم عن التعطيل الحكومي لمضامين الدستور، و استدراك الخلل المستشري في القوانين التي تنظم العملية الانتخابية.
كما أن الاستحقاق التشريعي المقبل، هو ثاني استحقاق ستعيشه البلاد، في ظل دستور2011، و لهذا المؤشر أكثر من دلالة، على ضرورة توفر الإرادة الحقيقية، لدى كافة الأطراف المسؤولة، على الشأن السياسي الوطني، دولة و مؤسسات و أحزاب و مجتمع، لأن يحقق المغرب، انتقالا حقيقيا إلى مرحلة الممارسة السياسية، المبنية على أسس الديمقراطية، و الحداثة و المساواة و العدالة الاجتماعية، و بناء دولة المؤسسات

X